يبدو جلياً أنّ ثمة شيء سحري بشأن زهرة Crocus sativus التي يُستخرج منها الزعفران. إن لم يقع حاملها تحت سحر جمالها الأخّاذ على الفور فيكفي غالباً أن يختبر طعم الزعفران ليُفتن تماماً. إن الزعفران مكلف للغاية إذ يتطلب تحضير 1000 ملغ من خيوط الزعفران اليابسة حوالى 150 زهرة، وتبلغ كلفة الباوند الواحد حوالى 1000 دولار أميركي إلا أنّ كمية صغيرة جداً كافية لتترك أثراً.
وتبرز فرادته من ناحية أنه يأنف المكننة ويتطلب من مالكيه أن يتم الحصاد بشكل يدوي كما جرت العادة منذ عشرات الآلاف من السنوات إن لم يكن مئات الآلاف. وبما أن كل نبتة لا تحمل أكثر من أربع أزهار، تحوي كل واحدة منها على ثلاثة مياسم ناشطة يتم استخراج التابل منها، أيّ أنّ كل نبتة تنتج كحد أقصى 12 ميسماً ما يعادل في نهاية الأمر 30ملغ من الزعفران الطازج أو 7 ملغ من الزعفران المجفف.
استخدم الزعفران في الطب منذ العصور القديمة. في العام 2004، وفيما كان الباحثون يدرسون آثاراً تعود إلى ما قبل 3500 سنة في جزيرة Thera اليونانية، عثروا على رسوم لآلهة تشرف على تصنيع واستخدام دواء معدّ من زهرة الزعفران. ولعل الملفت أكثر هو العثور على رسوم تعود إلى ما قبل 50000 سنة في أماكن من عهد ما قبل التاريخ في شمال غرب إيران، رسوم تحتوي على ألوان مستخرجة من الزعفران ما يشير إلى أن علاقة الإنسان بالزعفران قديمة بقدم الزمان.
تعكس تركيبة الزعفران الكيميائية تعقيداً خيالياً. فهو يحتوي على أكثر من 150 زيت طيّار ذي رائحة عطرية- وهي سيمفونية كيميائية تضمن غموضه الذي لن يتكشّف تماماً، على الأقل حتى وقتنا الحالي حيث أنّ قدراته الطبية العظيمة تبقى عصيّة على النظرة الاختزالية لعلم الصيدلة الحديث.
0 التعليقات:
إرسال تعليق