استبدل
البشر بالتدريج فكرة التضحية بفكرة الاستهلاك. تحولت الصلاة إلى رجاء دائم
وليس إلى وسيلة للوحدة مع الله والاعتراف بحبه. على شاكلة الوثنيين، أصبح
الناس يتوسلون للنعمة والصحة، جاعلين من الدين طقوساً سحرية، ومستعملين
الإلهي لتلبية رغباتهم الشخصية. من الطبيعي أن هذا المنطق البشري المسيطر،
أرغم رجال الدين على الاهتمام أكثر بالسياسة والاقتصاد والسلطة والمال،
فانصرفوا عن مهمتهم الأساسية، إنقاذ النفس الإنسانية وتهذيبها.
لقد
أدى ضعف الدين إلى توقف الأخلاق والثقافة عن التطور. عنندما نرى طفلا عمره
سنة واحدة يعرف الآخرين ويلفظ بضع كلمات، نبتسم ونفرح ونهتف:"يا له من طفل
ذكي!". لكن إذا شاهدنا مراهقاً في الرابعة عشر بنفس مستوى التطور الفكري،
نشعر بالشفقة والمواساة ليس عليه فحسب، بل على والديه أيضاً. الديانات
أصبحت شيئاً فشيئاً في القرون الأخيرة شبيهة بذلك المراهق. منذ ألف
وخمسماية سنة كانت طفلا رائعاً متطوراً جداً، أما الآن فهو متخلف عقلياً
يبتسم بلطف ويثرثر غير فاهم أبداً وضعه الكارثي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق